بعد عقد من الدمار.. أطفال اليمن يموتون جوعاً وسط نظام صحي واقتصادي منهار

بعد عقد من الدمار.. أطفال اليمن يموتون جوعاً وسط نظام صحي واقتصادي منهار
اليمن

في الذكرى العاشرة لاندلاع الحرب اليمنية التي دارت رحاها في مارس عام 2015، لا تزال تداعيات الصراع مستمرة، حيث تحولت اليمن إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، يدفع ثمنها الملايين من المدنيين، وعلى رأسهم الأطفال الذين صاروا الضحايا الأكبر لهذا النزاع. 

الأرقام الصادرة عن المنظمات الدولية تعكس حجم المأساة، إذ تشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى أن أكثر من 2.3 مليون طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، بينهم 450 ألفًا يواجهون خطر الموت الوشيك بسبب سوء التغذية الحاد الوخيم، ما يجعل اليمن أحد أخطر الأماكن على الأطفال في العالم.

ولم تقتصر التداعيات على الأمن الغذائي فقط، بل امتدت إلى انهيار النظام الصحي بشكل غير مسبوق. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن 75% من المرافق الصحية في اليمن تعمل بشكل جزئي أو متوقفة تمامًا، ما يعني أن أكثر من 20.1 مليون شخص، أي ما يقارب ثلثي السكان، محرومون من الرعاية الصحية الأساسية.

في ظل هذا الوضع، ازداد معدل وفيات الأطفال بسبب الأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا والحصبة والتهابات الجهاز التنفسي، حيث يموت طفل يمني واحد كل عشر دقائق نتيجة أسباب يمكن تجنبها.

أزمات متعددة

وفي ما يتعلق بالجانب الغذائي فإن الأوضاع تزداد سوءًا عامًا بعد آخر، حيث تشير بيانات برنامج الأغذية العالمي إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 470% منذ بداية الحرب، ما جعل الحصول على الغذاء تحديًا يوميًا لجزء كبير من السكان، ويعاني 17.4 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 3.2 مليون من الأطفال والنساء الحوامل الذين يواجهون سوء التغذية الحاد، وهو ما يهدد بخلق أجيال تعاني من ضعف النمو والإعاقات الصحية الدائمة، فضلًا عن ذلك فإن 45% من الأسر اليمنية تعيش على وجبة واحدة فقط في اليوم، ما يعكس مدى عمق الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على المستوى المعيشي.

لم يكن القطاع التعليمي بمنأى عن تداعيات الحرب، حيث كشفت تقارير منظمة اليونسكو أن 5,300 مدرسة دُمرت أو تضررت بشكل جزئي جراء العمليات العسكرية، ما أدى إلى بقاء نحو 4.5 مليون طفل خارج منظومة التعليم تمامًا، وهو ما ينذر بمستقبل قاتم لجيل كامل، وقد دفعت الأوضاع الاقتصادية المتدهورة العديد من الأسر إلى عدم إرسال أطفالها إلى المدارس بسبب الحاجة إلى عملهم في المزارع أو ورش العمل للمساعدة في توفير لقمة العيش، ما يهدد بارتفاع معدلات الأمية بين الأطفال إلى مستويات غير مسبوقة.

وفي الجانب الاقتصادي، تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الاقتصاد اليمني انكمش بنسبة 58% منذ اندلاع الحرب، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى 65% بين الشباب، وهو ما يعكس مدى انهيار البنية الاقتصادية في البلاد، حيث لم يعد الريال اليمني قادرًا على الحفاظ على قيمته، بعدما فقد أكثر من 780% من قيمته مقابل الدولار خلال السنوات العشر الماضية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتآكل القوة الشرائية للمواطنين، ونتيجة لذلك، يعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر المدقع، ما يجعل اليمن واحدة من أفقر دول العالم وفقًا للتصنيفات الدولية.

على صعيد النزوح واللجوء، تشير بيانات مفوضية اللاجئين إلى أن الحرب أجبرت نحو 4.5 مليون شخص على النزوح الداخلي، فيما اضطر أكثر من 1.2 مليون يمني إلى اللجوء لدول الجوار بحثًا عن الأمان والاستقرار، وجعلت الأوضاع الصعبة النساء والأطفال الفئة الأكثر تضررًا، حيث تمثل النساء والأطفال نحو 85% من إجمالي النازحين، فالمأساة لا تقتصر على النزوح فقط، بل تمتد إلى الظروف المعيشية الصعبة داخل المخيمات التي تفتقر إلى الحد الأدنى من المقومات الأساسية مثل المياه الصالحة للشرب والرعاية الصحية.

تعد الألغام واحدة من أبرز المخاطر التي تهدد حياة المدنيين في اليمن، حيث كشف تقرير صادر عن مركز مكافحة الألغام أن البلاد شهدت انتشار أكثر من 2.1 مليون لغم أرضي زرعتها أطراف النزاع، ما أسفر عن وقوع نحو 1,250 ضحية شهريًا، 65% منهم من الأطفال، ولا تزال العديد من المناطق الزراعية ملوثة بالألغام، ما يعوق عودة النازحين إلى قراهم ويدمر سبل العيش لكثير من الأسر التي تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل.

أما المرأة اليمنية فقد كانت من أكثر الفئات تأثرًا بالحرب، حيث تشير بيانات هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أن أكثر من 6 ملايين امرأة أصبحن معيلات لأسرهن بعد فقدان أزواجهن في الحرب، فقد ارتفعت معدلات زواج القاصرات إلى مستويات خطيرة، إذ بلغت 65% من إجمالي الزيجات، وهو ما يعكس الأثر المدمر للنزاع على حقوق المرأة والطفل، من ناحية أخرى تعاني 1.2 مليون امرأة حامل من سوء التغذية، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة الأمهات وأطفالهن حديثي الولادة، كما سجلت تقارير المنظمات الحقوقية تزايد حالات العنف ضد المرأة، حيث تعرضت 78% من النساء النازحات لشكل من أشكال العنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي.

وتفاقمت الأزمة الإنسانية بفعل الانهيار الحاد في البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، حيث تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن 18.6 مليون يمني يفتقرون إلى مياه الشرب النظيفة، ما أسهم في تفشي الأوبئة والأمراض المنقولة عبر المياه، فمنذ عام 2015، تم تسجيل أكثر من 3.2 مليون حالة إصابة بالكوليرا، ما جعل اليمن أكبر بؤرة تفشٍ للمرض في العالم خلال العقد الأخير، وتفيد الإحصائيات بأن 60% من الأطفال يعانون من أمراض مرتبطة بالمياه الملوثة، وهو ما يزيد من معدلات الوفيات بينهم بسبب الإسهال الحاد والتهابات الجهاز الهضمي.

في ظل هذه الأوضاع المتدهورة، يواجه المجتمع الدولي تحديات كبيرة في توفير التمويل اللازم للمساعدات الإنسانية، ووفقًا لبيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فإن إجمالي المساعدات المقدمة لم يتجاوز 3.8 مليار دولار من أصل 8.9 مليار دولار مطلوبة لتغطية الاحتياجات الأساسية، ونتيجة لذلك، اضطرت أكثر من 12 وكالة أممية إلى تقليص برامجها الإغاثية بنسبة 60%، ما أدى إلى حرمان نحو 3 ملايين شخص من المساعدات الغذائية الشهرية، ما يفاقم من حدة الأزمة الإنسانية.

معاناة إنسانية متفاقمة 

قالت الناشطة الحقوقية اليمنية، أبها عقيل، إن الحرب المستمرة في اليمن لم تُحدث أي تغيير إيجابي في واقع اليمنيين، بل زادت معاناتهم بشكل مأساوي، وأوضحت أن البلاد، رغم ثرواتها الهائلة، كانت تعاني قبل الحرب من الفقر والبطالة وسوء الخدمات الصحية، حيث لم تُنشئ الدولة مستشفيات جديدة على نفقتها، بل اعتمدت المنشآت الطبية والتعليمية على منح خارجية، مثل مستشفى الكويت ومستشفى الثورة الذي أنشأته روسيا، ومع استمرار النزاع تدهور الوضع بشكل غير مسبوق، حيث طال الدمار المستشفيات والمدارس والبنية التحتية، ما جعل الحصول على الرعاية الصحية واللقاحات أمرًا شبه مستحيل، خاصة في المحافظات التي شهدت صراعات متكررة مثل تعز والحديدة، ذات الأهمية الاستراتيجية كمراكز للاستيراد والتصدير.

الأطفال في مرمى الحرب والاستغلال

وأشارت عقيل، في تصريحات لـ"جسور بوست"، إلى أن الأطفال في اليمن كانوا من أكثر الفئات تضررًا، حيث يعانون من مستقبل غامض في ظل انهيار قطاع التعليم، ففي صنعاء لم تعد المدارس الحكومية تقدم سوى حصص دراسية محدودة، بينما تفاقمت ظاهرة تجنيد الأطفال، حيث يتم استغلالهم عبر الترهيب العقائدي واستخدامهم كدروع بشرية، وكشفت عن مشاهد مروعة لأطفال في العاشرة من العمر يُدفعون إلى ساحات القتال، في استغلال فادح لبراءتهم واندفاعهم العاطفي.

معاناة اللاجئين والأطفال

وسلطت عقيل الضوء على المعاناة التي يواجهها اللاجئون اليمنيون في الخارج، حيث لا يُمنح اليمنيون حقوق اللجوء، مما يحرمهم من العمل القانوني، كما تواجه العائلات اليمنية تعقيدات بيروقراطية تحول دون حصول أطفالهم على التعليم، حيث أكدت عقيل أن ابنها حُرم من الدراسة بسبب هذه الإجراءات، كما هو حال أكثر من أربعة آلاف طفل يمني، ما يجعل المستقبل قاتمًا سواء داخل اليمن أو خارجه.

وأعربت عقيل عن مخاوفها من العودة إلى اليمن، حيث تجبر الميليشيات الأسر على تسليم أطفالها للقتال، مهددة من يرفض بالاعتقال، وأوضحت أن ابنها الأكبر اعتُقل وهو في السابعة عشرة من عمره، وظل مسجونًا سبع سنوات دون محاكمة، إلى أن أُطلق سراحه بعد دفع مبالغ مالية طائلة، كما أكدت أن العديد من الشباب يُتهمون بالانتماء إلى "خلايا تجسسية" لمجرد رفضهم التجنيد القسري، ما يدفعهم إلى البحث عن أي وسيلة للخروج من البلاد، رغم قسوة الحياة في الخارج.

الفساد في توزيع المساعدات

كما تحدثت عقيل عن ارتفاع معدلات الانتحار بين الشباب، جراء تداعيات الحرب مؤكدة أن الكثيرين ينضمون إلى القتال ليس بدافع الإيمان بالقضية، بل نتيجة اليأس التام من المستقبل، وانتقدت الفساد في توزيع المساعدات الإنسانية، حيث يتم توجيهها لفئات محددة على أسس مناطقية وسياسية، بينما تحرم منها العائلات الأكثر احتياجًا، وكشفت عن حالات مأساوية، مثل أم اضطرت لتسليم ابنها للميليشيات مقابل الحصول على بطاقة تأمين لاستلام المعونات، حيث يتم زيادة الحصة الغذائية للعائلات التي ترسل أبناءها إلى القتال أو تفقدهم في المعارك.

وأشارت عقيل إلى أن المساعدات الإنسانية لم تعد تُستخدم لأغراض إغاثية فقط، بل باتت وسيلة لتمويل العمليات العسكرية، ما دفع بعض المنظمات الدولية إلى إعادة هيكلة طواقمها بسبب تفشي الفساد والضغوط السياسية، كما تصاعد القمع ضد العاملين في المجال الإنساني، حيث تم اعتقال العشرات ممن عملوا مع المنظمات الدولية، بينهم موظفون ذوو خبرة طويلة، بالإضافة إلى ناشطات حقوقيات سُجنّ لمجرد عملهن في مشاريع إنسانية.

وأكدت عقيل أن الحرب في اليمن لم تكن مجرد نزاع عسكري، بل فرصة للبعض للمتاجرة بالأرواح والدماء، حيث أصبحت تجارة السلاح أكثر ربحية من تجارة المخدرات، ما دفع بعض الأطراف إلى الاستثمار في استمرار الحرب، وأوضحت أن هناك مقاولين يعملون على تجنيد الشباب والأطفال، حيث يُباعون إلى ساحات القتال مقابل مبالغ زهيدة، وهو ما يعكس حجم الاستغلال الوحشي للصراع.

الحاجة إلى حلول جذرية لإنهاء النزاع

وفي ختام حديثها، شددت عقيل على أن اليمن لم يعد بحاجة إلى مساعدات إغاثية مؤقتة، بل إلى حلول جذرية توقف النزاع وتضع البلاد على طريق التعافي الحقيقي، وأكدت ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل أكثر فاعلية لإنهاء الحرب، وإطلاق عملية سلام شاملة تعيد الاستقرار، إلى جانب إعادة بناء الاقتصاد والبنية التحتية، وتوفير فرص عمل للشباب، ودعم القطاعات الأساسية مثل الصحة والتعليم والمياه.

كما شددت على أهمية نزع الألغام كأولوية إنسانية، مع تعزيز برامج حماية الأطفال والنساء لمنع استغلالهم في الحرب، وضمان حصولهم على حقوقهم الأساسية، وأكدت أن اليمن يقف اليوم أمام مرحلة كارثية لا رجعة فيها إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة، مشيرة إلى أن الحل العسكري أثبت فشله، وأن السلام العادل هو السبيل الوحيد لإنقاذ ملايين اليمنيين من دوامة الأزمات والحروب.

كارثة إنسانية غير مسبوقة والحل يبدأ بإنهاء الحرب

أوبدوره، كد الإعلامي اليمني صادق القدمي أن الحرب المستمرة منذ أحد عشر عامًا خلقت واقعًا إنسانيًا مأساويًا، حيث أصبحت الحياة اليومية للمواطنين أكثر صعوبة من أي وقت مضى، وبلغت المعاناة مستويات كارثية الأوضاع المعيشية انهارت تمامًا، وارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق، في حين تدهورت الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم حتى باتت شبه معدومة في العديد من المناطق.

وتابع في تصريحاته لـ"جسور بوست"، المجاعة باتت تهدد حياة الملايين، لا سيما في المناطق التي تأثرت مباشرة بالقتال، فقد كشف تقرير صادر عن اليونيسف أن طفلًا واحدًا من كل طفلين في اليمن يعاني من سوء التغذية الحاد، مما يعكس حجم الكارثة، فبعض الأمهات يلجأن إلى أكل أوراق الشجر للبقاء على قيد الحياة، فيما تمتلئ المستشفيات بالأطفال الهزيلين الذين يعانون من الجوع الحاد، وفي الجانب الصحي، شهد اليمن تدهورًا غير مسبوق، حيث عادت الكوليرا للانتشار في عدة مناطق بسبب تلوث المياه وانهيار منظومة الرعاية الصحية، وأوضح القدمي أن العديد من المرافق الطبية تعرضت للقصف أو توقفت عن العمل نتيجة نقص الأدوية والكوادر الطبية، مما أدى إلى كارثة صحية حقيقية.

واسترسل، أما التعليم، فهو في حالة انهيار شبه تام، حيث دُمرت آلاف المدارس أو حُولت إلى ثكنات عسكرية، فيما اضطر مئات الآلاف من الأطفال إلى التوقف عن الدراسة بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها أسرهم، والمناطق الأكثر تضررًا هي التي شهدت معارك متواصلة مثل الحديدة وتعز ومأرب وصعدة وحجة، حيث يعاني المدنيون من الجوع والمرض وانعدام الأمن، إلى جانب صعوبة وصول المساعدات الإنسانية.

الأطفال الأكثر تضررًا من الحرب

وأشار إلى أن الأطفال هم الفئة الأكثر تضررًا من الحرب، إذ فقد الآلاف منهم أسرهم وأصبحوا مشرّدين بين الشوارع ومخيمات النزوح، محرومين من أبسط حقوقهم في التعليم والرعاية الصحية والحياة الطبيعية، بجانب ان الكثير من الأطفال اضطروا للعمل في سن مبكرة لإعالة عائلاتهم، في حين تم تجنيد آخرين قسرًا أو استدراجهم عبر الإغراءات المالية للانخراط في القتال.

ووصف القدمي مشهد الأطفال المجندين في جبهات القتال بالمفجع، حيث يُزجّ بهم في المعارك دون تدريب كافٍ، ويُستخدمون كوقود للحرب، وأكد أن بعضهم يعود إلى أهله جثة هامدة، بينما يعاني آخرون من إعاقات دائمة، ومن ينجو منهم ينشأ في بيئة لا تعرف سوى الحرب والدمار، أما الآثار النفسية على الأطفال، فهي كارثية، حيث يعاني الكثير منهم من الصدمات الحادة، وفقدان النطق، ونوبات الهلع المستمرة عند سماع أصوات الانفجارات أو الطلقات النارية، وأشار القدمي إلى تقارير تتحدث عن انتشار واسع لحالات الاكتئاب والصدمات النفسية بين الأطفال، حيث أصبح بعضهم غير قادر على النوم أو الأكل أو حتى التواصل مع من حولهم.

وأضاف أن انهيار التعليم يمثل كارثة أخرى تهدد مستقبل اليمن، حيث تسببت الحرب في تسرب ملايين الأطفال من المدارس، سواء بسبب النزوح أو الفقر أو تدمير المؤسسات التعليمية، وحذّر من أن هذا الواقع يهدد بإنتاج جيل كامل محروم من التعليم، مما يعني استمرار دوامة الفقر والصراع لعقود قادمة.

وصول المساعدات الإنسانية لمحتاجيها

وأكد القدمي أن المنظمات الدولية تعلن بشكل مستمر عن دعمها لليمن، لكن السؤال الحقيقي هو: هل تصل هذه المساعدات فعلًا إلى مستحقيها؟ وأوضح أن الواقع يشير إلى العكس في كثير من الحالات، حيث تعيق العديد من العوامل وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، من أبرزها استيلاء بعض الجهات المتحكمة على الأرض على هذه المساعدات واستخدامها لأغراضها الخاصة، حيث تُوزّع على المقاتلين بدلًا من المدنيين أو يتم بيعها في السوق السوداء.

كما لفت إلى الفساد داخل بعض المنظمات الإغاثية نفسها، حيث أثيرت اتهامات بشأن عدم وصول بعض المساعدات إلى اليمن أصلًا، أو ضياع جزء كبير منها في النفقات التشغيلية والإدارية، وأضاف أن بعض الجهات تستخدم المساعدات كورقة ضغط سياسي، حيث يتم منعها عن مناطق معينة لمعاقبة السكان أو الضغط على الطرف الآخر، وهو ما زاد من تفاقم المجاعة وانتشار الأمراض، ورغم هذه التحديات، شدد القدمي على أنه لا يمكن إنكار الجهود الجبارة التي تبذلها بعض المنظمات الإنسانية المحلية والدولية الصادقة، والتي تعمل في ظروف بالغة الصعوبة لإيصال الدعم إلى المحتاجين، وأشاد بالمتطوعين الذين يخاطرون بحياتهم من أجل توصيل شحنات غذائية أو طبية إلى المناطق المحاصرة.

وأتم، اليمن يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث تتفاقم معاناة الشعب يومًا بعد يوم، خاصة الفئات الأكثر ضعفًا مثل الأطفال والنساء، وشدد على أن الحل لا يمكن أن يكون عبر تقديم المساعدات الإنسانية وحدها، بل يجب أن يكون عبر إنهاء الحرب وإحلال السلام، لأن المعاناة لن تتوقف طالما استمر القتال، ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات جادة لإنهاء هذا الوضع الكارثي، مشددًا على أن اليمنيين بحاجة إلى سلام حقيقي، وليس مجرد هدنة مؤقتة، لإنقاذهم من الكارثة التي يعيشونها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية